• هناك ظواهر فلكية في الحضارات القديمة من صنع الإنسان مازالت تحير العلماء في كيفية الإتيان بها في تلك الأزمان الغابرة، وهي تدل على إبداع هؤلاء البشر الأقدمين. في أول القائمة تأتى الإنجازات الفلكية لعلماء مصر الفرعونية بحضارتها السرمدية، والتي لم تمط اللثام عن جل مكنوناتها بعد، فمازالت تحير العلماء في كافة فنون المعرفة الإنسانية وعلومها. وها هي عجائب الدنيا السبع القديمة اختفت من على سطح الكوكب عدا واحدة (الهرم الأكبر)، وتعد أقواها تحدياً للزمن، وبرغم مرور أكثر من أربعين قرنا من الزمان، تقف أهرامات الجيزة شاهدة على مدى تقدم المصري القديم في علوم الفلك والهندسة والعمارة، وها هي تفسيرات العلماء مازالت حيرى أمام هذه المعضلة البشرية القائمة في صحراء الجيزة بمصر المحروسة. وحتى التكنولوجيا الحديثة تقف عاجزة أمام التقدم العلمي المذهل الذي حققه فراعنة مصر العظام، فلا هي بقادرة على مجاراته، ولا فهم أسراره، رغم المحاولات المستمرة لاستكشاف النظريات الخفية أو الإمكانيات السرية التي حققوا بها تلك المعجزات.

    ومازالت حضارة الفراعنة حُبلى بتلك المعجزات، التي معظمها يُكشف عنه بالصدفة وأخرى تحتاج لمئات السنين لاكتشافها. إن واحدة من تلك الظواهر وهي السماح للشمس بالتعامد على تماثيل الملوك والآلهة داخل أعمق حجرات المعابد الفرعونية (قدس الأقداس) في ظاهرة غريبة تدل على مدى التقدم في علوم الفلك والعُمران. وعلى الرغم من تأكيد كثير من علماء المصريات والفلك أن هذه الظاهرة تسود أغلب المعابد المصرية، لكننا في هذا الكتاب سوف نتناول أشهرها على الإطلاق والتي ينتظرها العلماء والباحثون والهواة بلهفة كل عام، وهي ظاهرة شروق (أو تعامد) الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني وتمثالين آخرين دون الثالث  المجاور لهما من الآلهة الفرعونية القديمة، في معبده الكائن على الضفة اليسرى للنيل الخالد بأسوان، أكبر معبد منحوت في الصخر في العالم، تلك الظاهرة التي يبلغ عمرها ثلاثة وثلاثين قرنا من الزمان، تأتى لتؤكد ريادة قدماء المصريين لعلوم الفلك والنحت والتخطيط والهندسة والعمران والتصوير في العالم أجمع وامتلاكهم لفنونه وأسراره باقتدار.

    ولقد استطعنا تصويب بعض المعلومات المتواترة حول تلك الظاهرة الفريدة، ووثقنا ملحوظاتنا تلك من خلال عديد من الشواهد والمراجع، بل من خلال زيارتنا لتك المعجزة ومشاهدتنا للظاهرة. كما زودنا الكتاب بكثير من المراجع والصور الضوئية الموثقة، وأضفنا فصلا كاملا عن كيفية الوصول إلى أبو سمبل للزيارة. ليحوى كتابنا أربعة عشر فصلا، موزعة عبر سبعة أبواب، في أكثر من اثنتين وعشرين ألفا كلمة، نأمل أن تقابل شغف القراء لمعرفة تلك الظاهرة الفريدة وكل ما يحيط بها من معلومات فلكية وأثرية ومعمارية وتاريخية وجغرافية وثقافية وسياسية كعلامة مميزة في تاريخ مصر المحروسة. 

منتجات قد تعجبكً

مرحباً بك
لديك استفسار؟ سنكون سعداء بمساعدتك 💫